شهدت مناطق وادي حضرموت، منذ سبعينيات القرن الماضي، حضورًا طبيًا مميزًا
للبعثات الطبية الصينية التي عملت في مستشفيات سيئون والقطن، ضمن اتفاقيات
التعاون المشترك بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك وجمهورية
الصين الشعبية.
وقد ضمت تلك البعثات أطباء في تخصصات متعددة، من بينهم مختصون في الطب الصيني التقليدي كالعلاج بالإبر (الوخز)، حيث قدموا خدماتهم الطبية بكل تواضع ومهارة، وشكلوا إضافة نوعية للقطاع الصحي في المنطقة.
وحرصت البعثات الصينية على جلب أدويتها الخاصة، واستيراد ما يلزم بالتنسيق مع سفارة بلادهم، وكان يرافق الأطباء دائمًا مترجمون صينيون لتسهيل التواصل. كما وفّرت الدولة مساكن خاصة للبعثات خلف مستشفى سيئون ومستشفى القطن، ما أتاح لهم الاستقرار وتقديم خدماتهم لسنوات طويلة.
وظلت هذه البعثات تتوالى حتى أواخر التسعينيات، تاركة أثرًا عميقًا في نفوس المواطنين، ليس فقط من خلال الخدمات الطبية، بل من خلال بساطتهم وتواصلهم الإنساني، إذ تعلّم بعض الأطباء كلمات عربية محلية شائعة مثل: “فين وجع؟”، “حبة بعد كل أكل”، “سوي أشعة”، “جي بعد أسبوع”، وغيرها، رغم صعوبة اللغة.
تميز الأطباء الصينيون بدقة فحوصهم ولطف تعاملهم، حتى أصبحوا جزءًا من ذاكرة المجتمع المحلي، ولا تزال صورهم وذكرياتهم حاضرة حتى اليوم، كما يظهر في صورة لإحدى البعثات التقطت عام 1997.